بحث عن تطور الفكر الاداري

بحث عن تطور الفكر الاداري
بحث عن تطور الفكر الاداري

الفكر الإداري

الفكر الإداري كمفهوم بُدِئ التعامل معه منذ القدم، وأخذ تطوره فترةً طويلةً جدًا من الزمن، إذ شهدت الحضارات التي نشأت منذ زمن بعيد العديد من الممارسات الإدارية والتي لم تكن آنذاك مبنيةً على علم قائم بحد ذاته له مداخله وقواعده ونظرياته، وإنما كانت تصرفاتٍ بشريةً فطريةً القصد منها عمليات ترتيب وتنظيم لعدد من القضايا التي كانت تواجهها المجتمعات، الأمر الذي يدل دلالةً قاطعةً على أن الإدارة وما فيها من وظائف هي موجودة في طبيعة السلوكيات البشرية، وخلال القرن الماضي بدأت ملامحها بالظهور علميًا من خلال النظريات الإدارية والمدارس التي تطورت خلال فترات زمنية قصيرة[١].


الممارسات الإدارية قديمًا

كان للممارسات الإدارية القديمة أثرٌ في تطور الفكر الإداري عمومًا، ومن هذه الممارسات على سبيل المثال لا الحصر الآتي[١]:

  • أدار السومريون نظمًا رقابيةً وماليةً، لا سيما في النظم المتعلقة بالمعابد والكهنة، والنظم الضريبية الجابية للضرائب، وتزامنت هذه النظم مع عمليات تسجيل للمعلومات والبيانات ذات العلاقة، أي إنهم كانوا يمارسون ما يُعرف بنظام الأرشفة في وقتنا الحاضر.
  • أقام البابليون لوائح وقوانين لازالت محط أنظار المهتمين إلى اليوم، والتي تتلخص في قوانين "حمورابي"، والتي أكدت بضرورة الاهتمام بالرقابة والتوثيق وتقييم السلع، وقد استخدموا نظام ضمان الحقوق من خلال الإيصالات المختومة، كما أشار حامورابي إلى قانون المسؤولية، فمثلًا وضع قانونًا يُعاقب المرضعة بقطع ثديها في حال أعطت الرضيع لامرأة أخرى وأدى ذلك لوفاته.
  • بنى المصريون القدماء منذ ما يقارب 2000 ق.م، الأهرامات التي هي من عجائب الدنيا السبعة، مما يُشير إلى إنه لا يمكن أن تُبنى هكذا أبنية غاية في الإتقان والحرفية دون وجود عملية تنظيمية تخطيطية رقابية غاية في الدقة، إذ يقدر البعض بأنهم أول من مارس ما يُسمى بالإدارة العلمية.
  • عرفوا الصينيون قديمًا بعض المبادئ الإدارية فيما يتعلق بالتخطيط والتنظيم والرقابة، وذلك من خلال الدستور الذي وضعه الإمبراطور "شاو"، إذ يُعد أقدم نظام إداري وُضع لموظفي الخدمة المدنية، وبالتالي وجود المراتب الوظيفية في الدولة.
  • شكل الإغريق نظامًا يُسمى "روح الخدمة العامة" إشارةً إلى تكوين ما عُرف فيما بعد بالدولة الديمقراطية.
  • ضربت الحضارة الإسلامية أروع الأمثلة في ممارسة العمليات الإدارية المختلفة، فقد مارسوا ما يُعرف اليوم بالوظائف الإدارية من خلال التزامهم بتعاليم رب العالمين التي نقلها الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فقد مارسوا التخطيط طويل الأجل باتباعهم قول الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم ما اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) [الأنفال:60]، كما أن القواعد التي وضعها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت أكبر مثال على ممارسة عمليات تنظيمية وتوثيقية غاية في الدقة، فقد أسس نظام الدواوين الذي شمل مختلف الأنشطة الحكومية آنذاك، بالاضافة لترسيخ فكرة التسلسل الإداري في الحكم، وتفويض السلطة من خلال نظام الولاة، لا سيما بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية وانتشار الفتوحات، وأخيرًا لا يوجد نظام رقابي أفضل وأدق من الرقابة الذاتية عند المسلمين والنابع من تعاليم الدين الحنيف في الخشية من الله، بالاضافة إلى رقابة إدارية كانت تُمارس بابتعاث أشخاص مجهولين للاطلاع على أحوال الولايات في كل مكان.


تطور الفكر الإداري حديثًا

الفكر الإداري هو الفكر المتعلق بالنظريات الحديثة لعلم الإدارة، والذي ظهر مع بداية القرن الماضي، والتطور حصل على الأساليب الإدارية وليس على الأساسيات، فالفكر الإدراي قائم على أن الإدارة هي وظائف التخطيط والتنظيم والقيادة والتوجيه والرقابة وصناعة القرار، وهي لم تتغير بعينها، وإنما التطور حصل في الآليات التي يُمكن من خلالها تنفيذ هذه الوظائف، أي إن الممارسات والتجارب للوظائف الإدارية هي الباعث الرئيس في تطورها، كما أن تدخل عدد كبير من المفكرين والعلماء الذين وضعوا النظريات والمبادئ التي تُفسر كثيرًا من القضايا المتعلقة بوجوب الاعتراف أن الإدارة هي ظاهرة اجتماعية، الأمر الذي أدى لظهور المدارس الإدارية الكلاسيكية والعلمية[٢].


تغير الفكر الإداري

جاء تطور الفكر الإداري متأخرًا إذا ما قورن بالعلوم الأخرى، إذ كانت بداية القرن العشرين هي الفترة التي بدأت تظهر فيها النظريات الإدارية، أي أصبح له إطار علمي، والتي كان محفزها الرئيس ما حدث من مشاكل إدارية عقب الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر، فكانت الجهود تهدف في تلك الفترة لزيادة الإنتاج والذي يُعد العنصر البشري أهم عناصره آنذاك، الأمر الذي أدى لظهور المدارس الكلاسيكية مع بداية الفكر الإداري، أي التركيز على الإنتاج وكميته، ولكن في النصف الثاني من القرن الماضي تسارع نشوء الشركات الخدماتية، وبالتالي أصبح التفكير لا يتعلق بشكل مطلق بكمية الإنتاج وإنما بنوعيته وقدرته على المنافسة، أي الحاجة أصبحت بالتركيز على العنصر البشري من ناحية الكفاءة والفعالية، وبالتالي تغيرت الأساليب الإدارية ونشأت مدارس أخرى أهمها مدرسة العلاقات الإنسانية ومدرسة النظم[٣].


المداخل الإدارية في القرن العشرين

ظهرت العديد من المدارس أو المداخل الإدارية بدأً من نهاية القرن الثامن عشر وحتى الوقت المتأخر من القرن الماضي، هي كالآتي[٣][٤]:

  • المدخل الكلاسيكي: كان المحفز الرئيسي لهذا التوجه الفكري في الإدارة بدافع زيادة الإنتاجية، وذلك من خلال التركيز على البحث عن أفضل الأساليب الفنية لتنفيذ الأعمال، ووضع المعايير التي من شأنها ضبط العمل في المنشآت، وكان من أهم روادها كل من "فرد ريك تايلور" و"هنري فايول" و"فاكسي ويبر"، ومن أهم المآخذ على هذا المدخل هو إهماله الجانب الإنساني والاهتمام بالإنتاج وكميته فقط.
  • المدخل السلوكي: جاء هذا الفكر في الإدارة كردة فعل للمغالاة في المدخل الكلاسيكي، والذي يَعد الفرد طاقةً جسديةً مجردةً من العلاقات الخاصة أو ما يدور في حكمها، إذ ركزت هذه المدرسة على العنصر البشري بصفته قادرًا على مضاعفة إنتاجه في جو تسوده العلاقات الطيبة ورح الانتماء لمنظمته، وبالتالي يحقق رقابةً ذاتيةً على نفسه نتيجةً لهذه العلاقات، أي إن هذا الفكر يوازن بين الحاجات الاقتصادية والحاجات الإنسانية للفرد، حسب الهرم الخاص بالعالم ماسلو.
  • المدخل المعاصر: إذ ينتمي هذا المدخل لثلاث مدارس فكرية هي كالآتي:
    • مدرسة النظم: تتعامل هذه المدرسة مع المنظمة على أنها مجموعة من العناصر تتأثر ببعضها، وأيضًا تتفاعل مع البيئة الخاصة بها، وهذه العناصر هي المدخلات والعمليات التحويلية (المعالجات)، والمخرجات، والتغذية الراجعة.
    • المدرسة الكمية: تتميز هذه المدرسة بالاعتماد على نماذج موضوعية ومعايير، والتي من شأنها أن ترشد الإدارة في اتخاذ القرارات، وبالتالي البعد عن التخمينات الشخصية غير العقلانية، ونتج عنها العديد من النماذج، كبحوث العمليات ونظم المعلومات.
    • المدرسة الموقفية: تستند هذه المدرسة على فكرة أن المدير تظهر فعاليته في الموازنة بين متطلبات الموقف وماهية المشكلة التي تتطلب اتخاذ قرار بشأنها، أي إن الموقف هو من يقرر ما هو الأسلوب المفترض أن يتبع في حلها.


المراجع

  1. ^ أ ب "تطور الفكر الإداري"، scribd، اطّلع عليه بتاريخ 26-3-2019. بتصرّف.
  2. "تطور الفكر الإداري"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 26-3-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "تطور الفكر الإداري"، midad، 8-11-2007، اطّلع عليه بتاريخ 26-3-2019. بتصرّف.
  4. "التطور التاريخي للفكر الإداري "، almerja، 3-5-2016، اطّلع عليه بتاريخ 26-3-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :