محتويات
أين تقع الحيرة
الحيرة هي عاصمة مملكة المناذرة قبل الفتح الإسلامي للعراق، وموقعها قرب الكوفة حاليًا وقريبة من نهر الفرات، ويمر فيها نهر متفرع من نهر الفرات يسمى نهر كافر الذي يروي الحيرة ومنه كانوا يركبون في القوارب حتى يبلغوا الخليج العربي، وهي اليوم تابعة لقضاء المناذرة الواقع ضمن محافظة النجف، وكانت تعدّ عاصمة لمملكة المناذرة، وذلك قبل الفتح الاسلامي للعراق، وقد اشتهرت مملكة الحيرة بصناعاتها وفنونها مثل الدبغ والغزل، واشتهرت بالغناء والآلات الموسيقية كالدف والمزمار والعود، وقد اشتهرت أيضًا بأنها صاحبة إشعاع فكري وأدبي، فقد تعلم فيها العديد من ملوك فارس كبهرام الخامس الذي علم الأدب والفن والفروسية، وكان ملوكها يحبون الشعر ويشجعون الشعراء بالعطايا والهدايا ومن أشهر شعراء الحيرة امرؤ القيس وغيره الكثير من الشعراء المعروفين[١].
سبب تسمية الحيرة
اختُلِفَ في سبب تسمية مملكة الحيرة بهذا الاسم، إذ يوجد رأي يقول أن الذي يُدعى "تبعًا الأكبر" لما قصد خراسان ترك خلفه الضِعاف والمرضى من جنوده قال لهم حيروا هنا أي أقيموا بهذا الموضع، ورأي آخر يقول أن المُسمى تبعًا الأكبر لما أقبل بجيوشه وبلغ الخيرة تاه دليله وضل فسميت بذلك تلك المنطقة بالحيرة، ويوجد من يرى أنها سميت بهذا الاسم بمعنى أنها الموضع المطمئن الوسط المرتفع، ورواية أخرى تقول أن الأردوان وهو أحد ملوك النبط قد بنى حيرًا فأنزل من أعانه من العرب في حِريِه ضد الملك الفارسي أردشير، ورأي آخر يقول أنها سميت الحيرة البيضاء لحسنها، وكلمة حير مأخوذة من حرتا Harta الآرامية أو حيرتو السريانية وكلاهما تعنيان المخيم أو المعسكر أو المُقام.[٢]
كان نفوذها يمتد إلى كافة القبائل الضاربة في هذه المناطق، وكانت مستقلة استقلالًا تامًا، واستمرت زهاء أربعة قرون وربع منذ أوائل القرن الثالث، وكان على رأس الدولة ملك ولهذا الملك وزيرًا يسمى رديف وله قوة عسكرية بعضها نظامي وبعضها الآخر غير نظامي، وكان الجند النظامي له كتيبتان إحداهما فارسية تدعى الشهباء وأخرى عربية يقال لها دوسر، أما القوة غير النظامية فكانت تنظم القبائل الموالية التي كانت تستنفر وقت الحرب، وعلى ما يبدو أن الحضارة العربية في الحيرة والتي كانت تواجه فارس لم تصل إلى درجة عالية كما وصلت الحضارات العربية في بطرة وتدمر وأرض الغساسنة تحت التأثير البيزنطي السوري.
سكان الحيرة
كان أغلب سكان هذه المنطقة من العرب، فقد سكنها العديد من القبائل العربية بعد أن هاجروا إليها منذ فترات طويلة، كان في مقدمة الهجرات إليها هجرة الأكديين الذين أسسوا أول دولة موسعة ومركزية في التاريخ، وذلك أدى لنشوء دولة المناذرة، وقد سكن الحيرة أيضًا النبط وهم من بقي من الكلدانيين والسريان، وقد سكنوا القرى وامتهنوا الزراعة وتربية الحيوانات، وقد سكنها اليهود الذين هم من بقايا السبي البابلي، وقد قسّم المؤرخون العرب سكان هذه المنطقة لعدة أقسام، وقد حصروها في ثلاثة، وهي كالآتي:[٢]
- تنوخ: وكانوا هم أصحاب بيوت الشعر وقد نزلوا غربي الفرات فيما بين الحيرة والأنبار فما فوقها، ولا ينزلون بيوت المدر وكانوا يسمون عرب الضاحية، ويُعتقد أن المقصود بتنوخ هم من كان يشتغل بالزراعة ومن كان يعيش عيشة البادية من أهل المنطقة ما بين الحيرة والأنبار دون أن يُقصد بها قبيلة معينة.
- العباد: سُموا بذلك لأنهم اجتمعوا على النصرانية واتفقوا أن يتسموا بالعبيد بقولهم نحن عباد الله، وهم الذين سكنوا الحيرة، وقد اختلف المؤرخون العرب في رأيان حول سبب هذه التسمية فمنهم من قال أنها جاءت من شعارهم في حربهم ضد سابور ذي الأكتاف والذي كان (يا لعباد الله)، أما الرأي الثاني هو أن معظم أسماءهم تَبدأ بكلمة (عبد).
- الأحلاف: كانت هذه القبائل تتجول في أطراف الحيرة وأحيانًا تستقر فيها وتوقف عددهم حسب قوة المناذرة وامتداد حكمهم، ولم يكونوا من تنوخ ولا من العباد.
لغة أهل الحيرة
كان عرب الحيرة يتكلمون العربية الشمالية في حاجاتهم اليومية، لكنهم في الغالب كانوا يستعملون السريانية في كتاباتهم، كالأنباط والتدامرة الذين كانوا يتكلمون العربية ويكتبون الآرامية، وقد خدمت الدولة الحاكمة في الحيرة اللغة العربية خدمة كبيرة باحتضانها الشعراء ولها فضل كبير في تعليم الخط العربي لاحقًا وقد أغنت اللغة العربية بكثير من الألفاظ الفارسية التي تعبر عن أشياء لم يكن العرب هناك يعرفونها.[٣]
الدين في الحيرة
كان الملوك في بداية نشوء مملكة الحيرة يتبعون الوثنية ثم بعدها اعتنق معظمهم النصرانية وذلك تبعًا للديانة البيزنطية، ثم فتحها خالد بن الوليد وأبَوا أمراؤها أن يسلموا ولكن يدفعوا الجزية فقط وتصادف بعدها عيدهم عيد النيروز فأرسلوا هدايا لأمير المؤمنين وكان حينها أبو بكر الصديق فأخذ منها جزيتهم ورد عليهم ما زاد منها، وكان لذلك الأثر الكبير عليهم فانتقلوا بهذا الموقف من المجوسية والنصرانية إلى الإسلام.[٤]
المراجع
- ↑ "المناذرة حضارة مزدهرة في وادي الرافدين"، معكم. بتصرّف.
- ^ أ ب قيس حاتم هاني الجنابي (2012-12-7)، "مملكة الحيرة"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-13. بتصرّف.
- ↑ محمد مبروك نافع (1952-2-24)، "عصر ماقبل الإسلام"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-13. بتصرّف.
- ↑ أ.د.راغب السرجاني (2006-5-1)، "فتح الحيرة والأنبار"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-13. بتصرّف.